التخطي إلى المحتوى الرئيسي

”إلى إبنتي ذات الأربعين...أنا آسف “


البنات .. تأويلها داخل الحُلمِ دنيا..

الكلمات كالمصائب.. لا تأتى فرادى ..او قد لا تأتي..
الى ابنتي ذات الاربعين عاما... عند قراءتك تلك السطور ..اكون في الجانب الآخر من الحياة ، تاركا لكِ من الحُزن والمسؤلية ما يذكرك بي ، لتدعي الله لي.. ولكِ.
احببت ان اقول لك كلمات ، ما كنت لتفهميها الا الآن.. فانت في الأربعين وقد بلغتِ الأشُدٌَ.. وها قد وقفتِ على جبل عمرك ، لتري ما مضى من منه ، ولتنظري ما ينتظرُكِ... وتنتظرينهُ .
كان من المفترض الآن ان تقرأي وصيتي لك ، وتعلمي ما تركت لك من ميراث.. إبنتي.. "أنا آسف" فميراثي لك شيئا آخر.
قد قرأتُ يا إبنتي قديما مقولة ..
« انت تشيخ عندما تشبه أباك... وتبدأ في الموت عندما يموت أباك »
وقد قال أحدهم أيضا..
« أول مراحل الشيخوخه ان تشبه اباك كثيرا ».

تركت لك يا إبنتي چينات ورثتيها مني دون إرادة منكِ..
فأنت تجلسين نفس ذات جلستي ، ولك مثلُ لمعةُ عيناي ، وذات نبرة الصوت .. سامحيني اذا كنت تنامين وفمك مفتوح بعض الشيء ..او تغطين في نومك العميق دون ان يتطابق جفناك جيدا ، فيحسبك اللذي لا يعرفك انك مستيقظة...
سامحيني يا إبنتي ان ورثتي ضعف النظر ، او الأنيميا ، او حتى فصيلةُ الدمِ.
اعذريني لعدم صبرك على القراءة ، او ضيق الخلق ، واغفري لي عدم إستطاعتي على ضمك لصدري كي أنزعُ عنكِ الطاقة السلبية ، واخلع عنك الهموم والغموم...ولتعلمي أنني اعلم جيدا طعم مرارة فقدُ السند والظَهر.
هل مازلت تدمنين القهوة والشاي الثقيل؟!..
لكن اتعلمين ما أكثرُ ما آسفُ لهُ؟!
هو انني حاولت حشو دماغك الصغير  بالمعلومات والدورات التدريبية والدروس.. فقد حملتك اوزار ربيع ايامك.. ظننا مني اني احميك من مستقبل "ماكنت اعرفه ولكن كنتُ اخشاهُ".
ماذا اصبحت قهوتك اليوم؟! أهي مُرَّةً لم تزل؟.
اعلم ابنتي انه كان يضايقك صوت فمي عند مضغ الطعام آخر ايامي معك ، وعند احتساء الشراب... ولكنها لعلة في ، وعدم اكتمال اسناني حينها.
سامحيني يا ابنتي على محيط عائلتي المحدود والصغير جدا ، واغفري لي عدم وجود العشرات من عائلتي في زفافك يحبونك ... واقول لك ان اسعد لحظات حياتي هي بقربك في ايامي الأخيرة ، حيث اقترب منحنانا الصاعد والهابط ...هاهنا التقينا عن قريب وها هنا افترقنا ...


ميراثك ..فلسفة جائتك متاخرة ، فهل أنت بخير ؟؟
كنت افهمك بالنظرة ، والبي حاجتك فور طلبها ما استطعت ، علمتك الكثير الا قسوة القلب والجحود وعدم الرحمه... وهذا يكفي تقريبا...
علمي اولادك القرآن ... لكي لا تأخذك الدنيا عنهم وعن كتابة مثل تلك الخطاب اليهم .
يا إبنتي .. إنما هي أيام .. فإصبري وسيمر الألم.
الحياة ليست عادلة بما يكفي وانت تعلمين. ولا تركني الى التفاهات ، تمسكي بالصبر ولا تنجرفي للدنيا ولا تتعلقي بها.. فلحظات الألم صعبة  ، والروح حاضرة متى تذكرتيها، فادعو الله لي .. فحياتي للتو قد بدأت .
يا معشر الناس.. اكتبوا لأولادكم و لو كانوا في حجوركم ، راسلوهم ليستطعمو طعم الكلمات.. خاطبوهم ليتعلمو ان اسعد اللحظات سيقرأها المرء في سطور .




كتبه / محمد مصطفى



 الاسكندرية / يوليو2021

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

«الواقفين بجبل "قاف" والمصابين بلعنة الميكروفون والكاميرا»

كتبه/ محمد مصطفى الاسكندرية ٢٩/١٢/٢٠١٩. القارئ المصري الراحل"محمد رفعت" وأول من سجل القرآن الكريم للإذاعة المصرية، رفض تلاوة القرآن الكريم أمام الميكروفون في الإذاعة المصرية إلا بعد فتوى من الأزهر الشريف وقتها بجواز ذلك. "فحين تكون البضاعة نبيلة، يكن تعفف البيع" عزيزي القارئ ضع هذه الكلمات فضلا في ذاكرتك المؤقته لبضع دقائق فقط. شاهدنا جميعا هذه الايام في الكويت ،تحول قاعة عبد الله السالم الى قبلة تهفوا اليها القلوب، لم يعد الخوف من المسئوليه والرعب من خطأ جسيم يستدعي بالضرورة ظلم ابناء شعب فتتوالى عليك دعوات مظلوم، تسيطر على القلوب، بل الشوق إلى كرسي في القاعة والظهور في المشهد السياسي هو منتهى أرب اللبيب،  فحين تسكت الموسيقى وقد جلس على الكرسي من جلس، إلا وتتعالى  الصرخات ممن لم يلحق كرسي بالمجلس، مطالبا بتشغيل الموسيقى مرة اخرى واللعب مره اخرى لعبة"الكراسي الموسيقية". عشرات المنابر الاعلامية تهاجم حتى الانفاس في الصدور قبل خروجها للنور، تعلمنا قديما ان لكل مقام مقال، اما الان فلا يطيق احدهم الانتظار لانعقاد جلسة النواب كي يهاجم،فتجده  ي